لغز الفيل!
لغز الفيل!
في قصة العميان و الفيل، لما العميان دخلوا في اوضة فيها فيل و حاولوا يوصفوه للناس، واحد فيهم حسس علي رجليه و قالهم الفيل ده عبارةعن جسم اسطواني ضخم، و واحد فيهم حسس على زلومته و قال الفيل عبارة عن خرطوم طويل، و واحد حسس علي نابه و قال: الفيل ده عباره عن شئ املس و مدبب و هكذا. و كل واحد فيهم سمع وصف الثاني للفيل و كذَّبه و قال عليه ما بيفهمش و اتخانقوا مع بعض!
المثال ده دائما حاضر في دراسة الطب، اللي هو خود بالك من ان التخصص الزيادة، خصوصا في عالم التخصصات الدقيقة كل يوم فيه بتتوسع، و بتصير بحور المعرفة فيها اعمق، بسهولة هيحول الطبيب المتخصص لنموذج الاعمي الي فاكر ان الفيل عبارة عن زلومة و بس. علي الرغم من انه جزئيا صح، إلا ان تركيزه علي الجزء ده بس من الفيل خلاه فعلا ما يعرفش يعني ايه فيل.
مثلا، دكتور صدرية يجي له عيان بيكح بقاله شهور، و لأنه مركز في الاسباب الصدرية بس للكحة، ما يجيش على باله يسأل العيان إذا كان مريض ضغط و إيه علاج الضغط الي بياخذه. فيكتشف ان دوا الضغط الشهير الي هو بياخذه هوالسبب في الكحة دي. و ممكن عيان يلف علي دكاترة كتير علي ما حد فيهم ياخد باله ان العيان الي قدامه ده مش مجرد رئة إنما انسان عبارة عن كائن حي و عدة انظمة تعمل معا و غير منفصلة هي ماتبقيه علي قيد الحياة.
في علم نفس الصحة Health Psychology بياخدوا الموضوع لمستوي تاني و هو ان حتي الطبيب الي بيتعامل مع الانسان علي انه جسد بس،حتي لو بيمارسه بطريقة كلية و واخد باله من تفاعل كل اجهزةجسمه مع بعض، فهو لا يزال قاصر في فهمه الانسان و لطبيعة مرضه و ممكن يشخصه غلط و يأذيه.
و بيعتمدوا علي نموذج اسمه
BIOPSYCHOSOCIAL. أو النموذج العضوي النفسيالاجتماعي لفهم المرض. ما تتخضش من الاسم، هو معناه سهل جدا :
العضوي: يعني الي بيبحث في طريقة عمل أجهزة الجسم و أمراضه و ده الجزء الكلاسيكي من الطب الي بيتدرس في كليات الطب؛
النفسي: و ده الجزء اللي بياخد في حسبانه العوامل النفسية للصحة و المرض و الي بيفحص اعتقادات و سلوكيات المريض و كيفية تغيير السلوكيات المرضية و زرع اخري صحية، فالموضوع مش مجرد إنك تقول للعيان اتغير و عيش نمط حياة صحي فهيسمع كلامك و خلاص، و المرض الي انت شايفه عضوي تماما ده قد يكون سببه نفسي لكن مش متشاف؛ لان الطبيب غير مدرب علي انه يشوف العيان كوحدة واحدة ممكن نفسيته تسبب او تزود مرض عضوي و هكذا؛
أما اجتماعي : فهو دور البيئة الي عايش فيهاالانسان في صحته و مرضه؛ ساكن فين، ساكن في بيت شكله عامل ازاي ، شغله ايه مواصفات الشغل واوقات العمل ، الاصدقاء و الاسرة و دورهم في حياة الشخص و هكذا، الجانب ده مهم جدا و له آثارمباشرة و متداخلة مع حالة الصحة و المرض، و احيانا بيكون العلاج مش دواء و انما زيارة من أخصائي اجتماعي لمنزل المريض لتقييم حالته الاجتماعية.
هي دي النظرة الكلية أو ال Holistic
و النظرة دي مهم انها تتنقل من الطب الي مجالين آخرين:
الاول: هو طريقة تفكيرنا في ذواتنا و في سلوكياتنا و محاولة فهمها؛ إحنا مش مجرد ماكينات حية؛ المفترض انها تشتغل بالقدرة العليا طول الوقت عشان تجيب مكسب يغطي تكلفة التشغيل؛ احنا اجساد و لها انفس و تعيش في مجتمع. و الثلاث عوامل دول يتداخلوا عشان يخلقوا الشخصية بتاعتنا بمشاكلها بمزاياها . ولو حبيبت تغير من نفسك او تغيرسلوك معين انت بتعمله فلازم تفهم ان الموضوع محتاج تبقي فاهم ده و تحل الجذور الجسدية و النفسة وربما الاجتماعية كمان للسلوك الي انت عاوز تغيره و هو هيتغير بسهولة!
المجال الثاني : هو الدراسات الانسانية عموما الاجتماع و الاقتصاد و السياسة و غيرها؛ يبطلوا يبصوا الانسان علي انه شوية كائن اجتماعي و شوية كائن سياسي و شوية كائن اقتصادي و هكذا، و يشوفواالبشر علي حقيقتهم و بكليتهم؛ مش محتاجين نصلح جانب واحد عشان مشاكلنا تتحل لكن محتاجين حل يأخذ في اعتباره كافة العوامل المؤثرة علي الانسان بطريقة متوازية عشان نخلي الانسان اسعد ويحيا في بيئة أفضل.
و ده معناه ان لازم كل العميان يسمعوا اراء بعض عن الفيل و يحترموها، ثم يقعدوا مع بعض يكونوا تصور مشترك عن هذا الفيل يمكن ساعتها يوصلوا لصورة اقرب لحقيقة الفيل بدل ما كل واحد ماسك حتة مبسوط بيها و بيتخانق مع اللي جنبه!
تعليقات
إرسال تعليق